
الموريسكيون يغادرون الاندلس مطرودين بروح منكسرة ودون أطفالهم دون 11 عاما من العُمر، لأن الكنيسة الكاثوليكية رفضت السماح بأخذ الاطفال حتى تُربيهم “مسيحيين صالحين”….حدث ذلك قبل أكثر من 400 عام من ظهور “داعش”.
هل حقًّا طُرد كل أحفاد الأندلسيين من إسبانيا ؟
للكاتب الصحفيّ : فوزي سعدالله

الموريسكيون المطرودون يسيرون نحو الموانئ لركوب البحر متوجهين إلى البلدان الإسلامية أو لاجتياز جبال البرانس شمالا للذهاب إلى الدول الإسلامية عبْر فرنس….المسيرة كانت شاقة وخطيرة تحت أعين جنود الملك المرافقين والساهرين على تنفيذ قرار الطرد.
….وهكذا، بعملية الطرد الجماعي لأحفاد الأندلسيين من إسبانيا في بداية القرن 17م، بهذا “الحل النهائي”، أو بالأحْرَى الذي اعتُقِد أنه كذلك ، أصبحتْ إسبانيا مسيحية كاثوليكية “خالصة” و”نظيفة” من أحفاد المسلمين بعد الانتهاء الرسمي من الترحيل في العام 1614م كما حَلِم بذلك فرناندو وإيزابيلا والأسقف توماس دي توركيمادا أول من قاد محاكم التفتيش في البلاد والقسّ تالابيرا وخليفته شِيشْنِيروشْ والإمبراطور شارل الخامس وفيليب الثاني وابنه فيلب الثالث. فيما أن العقود والقرون التالية ستكشف أن التطهير العرقي لم ينجح وأن مشروع الدولة “نقية الدّم” كان وَهْمًا غيرَ واقعي وأن لا وجود لدولة أو لأمة “نقية الدم” إلا في خيالات محبي هذا الوهم، فضلا عن أن محاكم التفتيش الإسبانية كانت تكتشِف في كل مرة وإلى غاية القرن 19م موريسكيين متخفِّيين في هويات مختلفة وملتزمين سرا، حسب المقدرة، بعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم الإسلامية ، بمن فيهم موريسكيون كانوا رهبانا ومطارنة على رأس الكنائس الكاثوليكية. وذلك ليس فقط في إسبانيا بل حتى في مستعمراتها في أمريكا الوسطى والجنوبية، وأيضا في جنوب شرق الولايات المتحدة الأمريكية حيث اتضح خلال تسعينيات القرن الماضي بفضل بحوث الأمريكي برينت كينيدي (Brent Kennedy) أن أقلية الميلينجونز (The Melungeons) أو الميلينجرز (The Malingers) خليطٌ من الهنود الحُمْر ومجموعات أندلسية/موريسكية، بشكل رئيسي، وحتى مجموعة صغيرة عثمانية/شمال إفريقية، بقوا يُمارِسون طقوسا وتقاليد إسلامية موروثة عن الوطن الأندلسي المفقود مُنْطَوِين على أنفسهم في جبال الآبَلاَشْ .

الموريسكيون يقاومون جيوش ملك إسبانيا فوق جبال لا مْويلا دي كورتيس حيث قاتلوا باستماتة رغم قلة السلاح والإمكانيات. ورفضوا الاستسلام، مما أدى بالقوات الإسبانية إلى ارتكاب مجازر رهيبة ما زالت ذكراها حية في ذاكرة سكان المنطقة. السكان الذين يتذكرون بشكل خاص دموع مَنْ سلموا من الموت ونُفيُوا إلى الجزائر وجهات أخرى إسلامية. كانوا يسيرون نازلين من الجبال وهم يلتفتون خلفهم لإلقاء آخر نظرة على أرض الاجداد والديار والبساتين

لموريسكيون يقاومون جيوش ملك إسبانيا فوق جبال لا مْويلا دي كورتيس حيث قاتلوا باستماتة رغم قلة السلاح والإمكانيات. ورفضوا الاستسلام، مما أدى بالقوات الإسبانية إلى ارتكاب مجازر رهيبة ما زالت ذكراها حية في ذاكرة سكان المنطقة. السكان الذين يتذكرون بشكل خاص دموع مَنْ سلموا من الموت ونُفيُوا إلى الجزائر وجهات أخرى إسلامية. كانوا يسيرون نازلين من الجبال وهم يلتفتون خلفهم لإلقاء آخر نظرة على أرض الاجداد والديار والبساتين
لم يتوقف أحفاد الأندلسيين عن إثارة المفاجأة والإعجاب بتمسكهم الشديد بهويتهم حتى ولو كلفهم ذلك المخاطرة بحياتهم وحياة ذويهم. ومن بين هذه المفاجآت اكتشاف مسجد سري عام 1769م، أيْ بعد أكثر من 150 عام على الطرد الجماعي.
كما اكتشف الباحثون أن أعدادا غير معروفة من الموريسكيين اختفت عن الأنظار أو غيّرتْ هوياتها لتفادي الطرد في سنوات 1609م/1614م ريثما تمر العاصفة، واختلط بعضهم بـ: “المسيحيين القدماء”، أيْ الإسبان من غير أحفاد الأندلسيين، خصوصا أن الشبه كبير بين الطرفين، واختلطوا بأعراق أخرى أيضا كالغَجَر، لا سيّما في إشبيلية. واكتشف الباحثون أن موريسكيين كثيرين عادوا من منافيهم المغاربية والفرنسية والإيطالية سرًّا إلى إسبانيا بعد عجزهم عن التأقلم مع البيئة الجديدة في برّ العدوة وقد أفلتوا من أعين وحسابات القائمين بالإحصائيات من أعوانالسلطات الإسبانية…

السياسي الباسكي المحامي خوسي ماريا بنيغاس حداد من أب إسباني قد ينحدر من آل بن يغش الأندلسية ومن والدة لبنانية يهودية دوريس حدَّاد
ولقد تفاجأتُ شخصيًا بوجود رجلٍ سياسي معروف في إسبانيا يحمل اسمًا عربيا وهو الاشتراكي خوسي ماريا بينيغاس حدَّاد (José María Benegas Haddad) الإسباني المولود في فنزويلا وبِاسمٍ عربي واضح ولا غبار عليه. خوسي ماريا بنيغاس حدَّاد محامٍ وسياسيٌ اشتراكي من إقليم الباسك في شمال إسبانيا حيث يَعتبِر الكثيرَ من الناس أنفسَهم هناك بعيدين عن الموريسكيين ومشاكلهم وعن ظاهرة الاختلاط الجِيني مع هؤلاء المسلمين في القرون الوسطى وبدايات عصر النهضة الأوروبية. فهل يكون هذا السياسي من أحفاد الموريسكيين من آل بن يَغَّش الأندلسيين الأمازيغ الذين كُيِّف لقبهم العائلي ليصبح بيِنِيغَاسْ باللغة الإسبانية بعد انهيار دولة المسلمين في الأندلس في نهاية القرن 15م…؟
وعندما جاءت التحوُّلات العميقة التي طالت إسبانيا في منتصف سبعينيات القرن الماضي إثر وفاة الدِّكتاتور الجنرال فرانكو، طَفَتْ مجددا الذاكرة المكبوتة على السطح، وأَعْلَنَتْ شرائح مهمة من المجتمع الإسباني، دون خوف لأول مرة منذ قرابة 5 قرون، أنها تنحدر من الأندلسيين والموريسكيين الذين أُخرِجوا من ديارهم بغير حق…

الدوقة الإسبانية من أصل أندلسي مسلم لويزة إيزابيلا الفارس دي طوليدو تملك في قصرها مسجدا سريا ورثته عن أجدادها الذين تمسكوا بدينهم في الخفاء
ومن بين الذين فاجأوا الرأي العام والباحثين دوقة مدينة سيدونيا لويزة إيزابيل الفارس دي طوليدو (Luisa Isabel al ferris Do Tolido) التي كان لها لقاء مثير، وهي في بداية عقدها السابع من العمر، مع الباحث المغربي علي المنتصر الكتاني في قصرها الإسباني في بلدة سَانْ لُوقَا دِي بَارَامِيدَا قُرب مصبِّ الوادي الكبير (Guadalquivir).
سألها الكتاني عن السبب الذي دفع بأحد أجدادها الذي كان دوق سيدونيا ومُمثِّل المَلِك الإسباني في المنطقة إلى المشاركة في انتفاضة بقايا الموريسكيين عام 1644م بدعمٍ من ملك البرتغال، وروى بهذه العبارات مضمون الحديث الذي دار بينهما قائلا:
“قلتُ لها: “ما سبب ذلك؟!”. وإذا بجوابها كان أغرب مما كنت أتوقع، حيث أجابتني: “بديهي؛ لأن أصلنا – عائلة دوق مدينة سيدونيا – مسلمون، بل أكثر من ذلك إننا كنا مسلمين سِرًّا”. وقالت لي: “تعال أُرِيكَ شيئا في قصرنا؛ كنت أدق حائطا وعندما أَسْقَطْتُه وجدتُ أسْفله مسجدا داخل القصر”، وفعلا صَلَّيْتُ (…) في ذلك المسجد داخل القصر. فإذن؛ هذا الدوق –رحمه الله– قام بمجهود كبير لتحرير الأندلس” .
إحدى الإسبانيات من أصول أندلسية إسلامية تُدلي بشهادتها عن معاناة أهل الاندلس وعن أصول أسرتها:
https://www.youtube.com/watch?v=l0uvAlL6vgE

Le destin des descendants de musulmans de l’Espagne de la fin du 15 eme siècle et tout au long du 16 eme et 17 eme siècles une fois attrapés avec un Coran ou en train de faire la prière ou parfois juste en train de parler en arabe…Disons: des “signes de radicalisation” selon la terminologie française moderne post-Charlie Hebdo…..مصير أحفاد الأندلسيين في إسبانيا بعد سقوط مملكتهم الإسلامية في حال ارتكابهم “جريمة” قراءة القرآن، أو الصلاة أ والحديث باللغة العربية أو الصيام أو رفض أكل لحم الخنزير وشرب الخمر.