الصورة لحي أندلسي إسلامي العمارة والهوية اكتُشِف سنة 2009 بمرسية. يضم آثارا ل 7 “قصور” أو مساكن فخمة ، 48 منزلا ، ومسجدا ، ومقبرة، وباحات، وممرات ، ومراحيض و شبكة صرف صحي أُتلِفَت وأُهملت مع الإحتلال الإسباني للمدينة . اكتُشِف الحي سنة 2009 مع بدء عمليات حفر بالمنطقة لتشييد موقف تحت أرضي للسيارات فكانت المفاجأة وجاء الإكتشاف.
يُطلق على الحي الأندلسي المُكتشف حاليا اسم ” موقع سان إستيبان الأثري” أو “حي سان إستيبان الأندلسي” نسبة لحديقة سان استيبان التي انطمر تحتها هذا الإكتشاف لقرون طويلة. يتواجد الحي في قلب مرسية وبالضبط في ضاحية أريكساكا نويبا بجوار “قصر سان إستيبان” مقر الحكومة الإقليمية الحالية لمرسية . تبلغ مساحة الموقع الأثري حوالي m² 10.143.
يوثق وبامتياز للتطور المدني والمعماري الذي عرفه هذا الفضاء الحيوي لمدينة مرسية في الحقبة الإسلامية. كما يمنح تصورا واضحا عن عمارة الحي الإسلامي الأندلسي ما بين القرنينXII و XIII، مع حضور بعض العناصر القليلة المنتمية لأواخر القرن XI.
ضمت منطقة أريكساكا لا نويبا ، التي اكتُشِف بها الموقع الأثري ، قديما مجموعة من المنازل الريفية أو المزارع التي خصصت للسكن و للاستراحة والإستجمام. أُحيطت بحدائق شاسعة وبأراض فلاحية وحقول استغلت بعناية لتعود على صاحبها بالمنفعة. بالإضافة للمساكن الريفية، كان هناك قصورا وحدائق مستقلة. هذا ما تقوله المصادر التاريخية، وهي فكرة تغيرت وبقوة مع هذا الإكتشاف الأثري إذ يبدو أن المنطقة ، واستسلاما للضغط الديمغرافي الذي خضعت له المدينة في أواخر القرن الثاني عشر ، قد غيرت من طبيعتها السكنية مما أدى إلى تعمير أكبر وإنشاء فضاءات سكنية، ومراكز سياسية و مرافق عمومية إضافية.
…………………………
وصف الموقع الأثري:
يُعتبر المجمع مثالا للحي الأندلسي، و نموذجا مصغرا للمدينة الإسلامية الأندلسية بشكل عام. يحتوي على نظام مجاري مخصص لإدارة مياه الصرف الصحي. فُقِدَت هذه الشبكة وأُتلِفَت مع الإحتلال القشتالي للمدينة ولم تَعُد المدينة لنظام الصرف الصحي التراتبي والمتسلسل إلا في القرن العشرين.
على الرغم من بساطة المواد المستعملة في البناء، تُعتبر الدور نموذجا حيًّا للبيوتات الأندلسية. فكسائر المنازل الأندلسية، تضم بيوتات الحي المكتشف باحات مركزية و حدائق، كما تتمركز الإقامة الرئيسية الخاصة بالبيت على الجانب الشمالي بينما يتصل المدخل بالشارع على الجهة المعاكسة لمنح خصوصية أكبر للفضاء الداخلي للمسكن.
هذا بالإضافة للقصور أو المساكن الفخمة . هي ليست قصورا بالمعنى المتداول للكلمة إذا ما قُورِنَت بغيرها من القصور الأندلسية، وإنما يتعلق الأمر بمساكن ذات مساحات شاسعة، تعود على الأرجح لطبقة ميسورة أو لكبار مسؤولي القصر الإسلامي الذي شُيد على أنقاضه قصر سان إستيبان المجاور حاليا للموقع الأثري.
يقع الفضاء الديني الخاص بالحي في الركن الشمال الغربي لمنطقة الحفر. ويضم مسجدا صغيرا يعود لأواخر القرن الثاني عشر. بالإضافة إلى باحات، ومراحيض، وآبار، ودهاليز وممرات.
كشفت التساقطات المطرية التي عرفتها مدينة مرسية في السنوات الأخيرة عن عظام تعود لبقايا بشرية لمسلمين دفنوا في في الحي الأندلسي المكتشف ما بين القرنين XII و XIII .

كشفت التساقطات المطرية التي عرفتها مدينة مرسية في السنوات الأخيرة عن عظام تعود لبقايا بشرية لمسلمين دفنوا في في الحي الأندلسي المكتشف ما بين القرنين XII و XIII
صرَّح Alfonso Robles ألفونسو روبليس ،أحد المشرفين على الحفريات، بأنه تم العثور حتى الآن على بقايا عظمية لأحدى عشرة جثة ، تعود عشرة منها إلى مقبرة صغيرة متواجدة بجانب المسجد، بينما عُثِرَ على بقايا الشخص الحادي عشر في أرضية منزل مخصص للسكن. الشيء الذي يثير استغرابا خاصة أن المجتمع الإسلامي اعتاد دفن موتاه بالمقابر مما يرجح فرضية أن المساكن قد شُيِّدَت فوق مقبرة قديمة.
…………………………
اكتشاف الموقع الأثري
عزمت بلدية مرسية سنة 2009 إقامة موقف تحت أرضي للسيارات في المكان الذي عُرف قديما بحديقة سان إستيبان، فكانت المفاجأة وجاء الإكتشاف. مما دفع بالمسؤولين للقيام بحفريات والإعلان عن انطلاقة مشروع دراسة وبحث وتنقيب أثري.
يُشرف على الموقع الأثري حاليا كل من الإدارة العامة لقسم الفنون الجميلة، ومؤسسة مرسية التاريخية، وبلدية مرسية، ومؤسسة ‘كاخامرسية’ وآخرين. هذا وقد تم إلغاء مشروع إقامة موقف للسيارات بالمكان. كما تم الإعلان عن المنطقة كملكية ذات أهمية ثقافية سنة 2010.
و لبحث كيفية النهوض بالموقع الأثري، تم تعيين لجنة متعددة الإختصاصات تشرف على مجموع عمليات الحفر والتنقيب و الحفظ والصيانة. ومن بين أعضائها نذكر :
– Antonio Malpica Cuello أنطونيو مالبيكا كويو أستاذ جامعي، قسم تاريخ العصور الوسطى بجامعة غرناطة.
– Rafael Pardo Prefasi رفاييل باردو بريفاسي مهندس معماري مختص في التراث.
– Jorge Eiroa خورخي إيروا أستاذ بجامعة مرسية، قسم: العمارة في العصور الوسطى
وغيرهم.
…………………………
مستقبل المجمع الأثري
تتطلع مدينة مرسية اليوم للحفاظ على المجمع الأثري ، ولصيانة البقايا الأثرية عبر إنشاء فضاء مَتحفي مُتاح للزيارات العامة مما سيمنح المدينة أهمية ثقافية واسعة، ليس فقط على المستوى الأوروبي ، وإنما أيضا على المستوى العالمي. في هذا الإطار، تم اقتراح عدة مشاريع معمارية تستهدف الحفاظ على الآثار المكتشفة ، حماية الحي الأندلسي بتحويله لفضاء متحفي ، وتشجيع السياحة بمرسية والتعريف بماضي المدينة الإسلامي. هنا صور لأهم المشاريع المقترحة حتى الآن:
في ظل غياب أي تمويل لتجهيز المنطقة مَتحَفِيا بسبب الأزمة الإقتصادية التي يواجهها المجتمع الإسباني، تظل هذه المشاريع مجرد حبر على ورق. توقفت جميعها منذ زمن، وتعرض المكان للإهمال التام وللنسيان. كما توقفت الحفريات وإن لم يتم تقييم البقايا المكتشفة بشكل نهائي .
تُواجه اليوم اللجنة المشرفة عدة تحديات من بينها:
– محاولة اكتشاف المنطقة الباطنية أي الجزء تحت أرضي لما هو مرئي حاليا من الموقع.
– توثيق ما تم استخراجه حتى الآن.
– تحليل المواد المستعملة في البناء، و انطلاقا من النتائج التي حصل عليها، تقديم ، دراسات تحدد أمثل طريقة لصيانة وإصلاح المجمع وتطبيقها على مختلف أنواع الأبنية.
-محاولة حماية الآثار من أخطار المناخ ومن عوامل الطقس التي قد تُعرض المنطقة للتلف.

جزء من الموقع الأثري بعد حمايته بقطع نسيج و حصى في انتظار أي تمويل قد يساعد في صيانة الحي بشكل لائق و تحويله لفضاء متحفي قابِل للزيارة
تقع مدينة مرسية في جنوب شرق إسبانيا , تطل على البحر الأبيض المتوسط. هي عاصمة منطقة مرسية. ومن أهم شخصياتها في التاريخ الإسلامي ابن عربي وابن سيده، وأبو العباس المرسي (الذي استوطن فيما بعد بمدينة الإسكندرية ودفن فيها، وبها مسجده الشهير)، وشرف الدين المرسي. خط الحكم الإسلامي بمرسية العريقة طريقه نحو النهاية مع تسلم ملك قشتالة «فرناندو الثالث» المدينة في 10 شوال سنة 640 هـ 2 أبريل 1243م.