معركة بلاط الشهداء

معركة بلاط الشهداء

معركة بلاط الشهداء

قبل الحديث عن معركة بلاط الشهداء أو معركة لابواتيه سنلقى الضوء بإختصار عن جهاد المسلمين فى فرنسا التى اعتاد المؤرخون والجغرافيون المسلمون ان يُسموها “الأرض الكبيرة” كما كان يطلق عليها بلاد الغال أو غاليس.

جهاد المسلمين وراء جبال البُرْت “فرنسا”

الجهاد فى عصر الفتوحات

بعد عبور موسي بن نصير إلى الأندلس سار شمالًا فاخترق جبال البيرينيه أو البرنيه (وتسمى كذلك جبال البرت أو البرتات)

وغزا ولاية لانجدوك أو سبتمانيا التى كانت تابعة آن ذاك لملوك القوط.

جبال البرت او البيرنيه

جبال البيرنيه من جهة فرنسا

وتقع ولاية سبتمانية جنوب شرقي فرنسا تلو جبال البُرْت وسميت سبتمانية بهذا الإسم لإحتوائها على المدن السبع : أربونة “ناربون” Narbonne وقرقشونة “كاركاسون” Carcasson وأجدة وبزييه ولوديف وفيمة وماجويلون.

افتتح موسى بن نصير مدينة أربونة ثم غزا وادى الرون حتى مدينة لوذون “ليون” وهنا فكر القائد موسي بن نصير فى ان يخترق بجيشه جميع أوروبا وان يصل إلى الشام عن طريق القسطنطينية ولكن فى ذلك الوقت وصله استدعاء من الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك فعاد إلى دمشق.

قرقشونة فرنسا

قرقشونة فرنسا

وبذلك اصبحت أربونة شمالًا متصلة بالجنوب بجبال البرت والأندلس على طول الشاطئ الشرقى، وغدت منطقة إسلامية واتخذت أربونة عاصمة هذه المنطقة وقاعدة الجهاد وراء البُرت، وليس لدينا تفاصيل عن شؤون هذه الحكومة الإسلامية فى سبتمانيا إلا ان ابن الخطيب يذكر نقلًا عن كتاب مفقود لأحمد الرازى وهو كتاب “الإستيعاب فى الأنساب” عند الحديث عن بيت زيد الغافقى من أهل إشبيلية انه كان “بإشبيلية بيت زيد الغافقى وهم هناك جماعة كبيرة فرسان ولهم شرف قديم وقد تصرفوا فى الخدمة بأربونة ثم انتقلوا إلى طليطلة ثم قرطبة ثم غرناطة” كما ذكر ابن حزم فى جمهرة أنساب العرب في معرض الحديث عن بنى بجيلة فقال “ودارهم بالأندلس بجهة أربونة”.

 

الجهاد فى فرنسا فى عصر الولاة

عين لولاية الأندلس الحر بن عبد الرحمن الثقفى فى ذى الحجة سنة 97 هـ ثم سار نحو الشمال فى جيش ضخم ليستعيد المدن والحصون الشمالية التى غزاها المسلمون من قبل، فعبر جبال البرنيه واخترق ولاية سبتمانيا فى ربيع سنة 718 م 99 هـ وكانت مدن سبتمانيا قد تخلفت عن الطاعة بعد ان غزاها المسلمون لأول مرة بقيادة موسي بن نصير، فافتتحها الحر وتابع زحفه حتى ضفاف نهر الجارون ولكنه اضطر ان يعود أدراجه إذ علم أن النصارى فى منطقة نافار قد نظموا حركة مقاومة كما ان الأمور قد اضطربت فى قرطبة بفعل المنازعات والدسائس فأنفق الحر حينًا آخر فى قمع الفتنة حتى عزله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز فى منتصف سنة مائة لقسوته وصرامته.

 

تولوز فرنسا

مدينة تولوز طولوشة

اختار الخليفة عمر بن عبد العزيز لولاية الأندلس السمح بن مالك الخولانى الذى وصل إليها فى شهر رمضان سنة 100 هـ 719م ولما انتهى من التنظيم والإصلاح تأهب لإستئناف الغزو وتوطيد سلطان الخلافة فى الولايات الجبلية والقواعد الشمالية التى لم يستطع ان يتمم إخضاعها الحر الثقفى فزحف على لانجدوك “سبتمانيا” فى أواخر سنة 719م فى جيش ضخم واخترق جبال البرنيه من الشرق واستعاد أربونة وقرقشونة ومعظم قواعد سبتمانيا وحصونها، واقام بها حكومة إسلامية وفرض الجزية على النصارى وترك لهم حرية الاحتكام إلى شرائعهم، ثم واصل زحفه ليغزو مملكة الفرنج الجنوبية وزحف على قاعدتها تولوشة أو طولوشة “تولوز” Toulouse و التقى مع الدوق أودو بظاهر تولوشة ونشبت بينهما معركة هائلة وكثر القتل فى الجيشين وتراوح النصر حينًا بين الفريقين، وأبدى المسلمون رغم قلتهم شجاعة عظيمة ولكن السمح سقط قتيلًا من فوق جواده فاختل الجيش ووقع فيه الإضطراب وعاد المسلمون إلى سبتمانيا وذلك فى التاسع من ذى الحجة سنة 102 هـ الموافق 9 يوينه سنة 721م.

وتولى الأندلس بعد السمح مؤقتًا ولأشهر عبد الرحمن الغافقى “ولايته الأولى” حتى قدم عنبسة بن سحيم الكلبى فى صفر سنة 103 هـ 722 م

فقام عنبسة بنشاط جهادى كبير وراء البرت واستمر فى تقدمه نحو الشمال والشمال الشرقي فى فرنسا، وكان أبعد حد جاهدت فيه الجيوش الإسلامية عند مدينة سانس “Sens” وذلك فى عام 105 هـ 724 م ، وخشى دوق أكوتين أن يهاجمه المسلمون مرة أخرى فسعى إلى مفاوضتهم ومهادنتهم، وهكذا بسط المسلمون سلطانهم فى جنوب شرق فرنسا، وفى ذلك يقول ابن عذارى “فى سنة خمس ومئة خرج عنبسة غازيًا للروم بالأندلس وأهلها يومئذ خيارٌ فضلاءٌ أهل نيّةٍ فى الجهاد وحِسبَةٍ فى الثواب، فألحّ على الروم فى القتال والحصار، حتى صالحوه، وتوفى عنبسة فى شعبان سنة سبع ومئة”

ويتضح لدينا خط جهاد عنبسة الذى يذكر أنه سار من الأندلس نحو سبتمانية متجهاً شرقى فرنسا ثم شماليها طالعًا جوار نهر رودنه الرون “Rhone” مائلًا غربًا حتى سانس، وعنبسة ليس هو الوحيد من ولاة الأندلس المجاهدين وراء البرت الذى سلك هذا الطريق.

وعند بلوغ هذه الغاية يعود عنبسة إلى الأندلس لسبب أو لآخر من الأسباب التى حدّت كثيرًا من نشاط المسلمين هناك ولولاها لكان له وراء جبال البُرت صورة أكبر وأكثر أهمية وأبعد أثرًا.

عاد عنبسة تجاه الأندلس إلا انه استشهد فى الطريق إليها قبل أن يدركها فى شعبان سنة 107 هـ كانون الاول ديسمبر سنة 725 م فى معركة جرت أثناء عودته للجنوب اذ داهمته قبل أن يجتمع إليه جميع جيشه جموع كبيرة من الفرنج فأصيب أثناء الموقعة وتوفى على أثرها.

تمضى سنوات قليلة لا نملك أخبارًا عن نشاط جهادى جرى فيها خلف جبال البرت حتى سنة 111 هـ فى ولاية الهيثم بن عدي الكناني وهنا ترد إشارة غامضة فى بيان ابن عذارى بأن والى الأندلس الهيثم “غزا منُوسة” كما ورد فى عبر ابن خلدون أن الهيثم “غزا أرض مقوشة فافتتحها” فهل هذا اسم شخص أو مكان؟ أشارت بعض الدراسات الأوروبية الحديثة أن منوسة اسم أحد القادة المسلمين من الأمازيغ دخل الأندلس مع طارق بن زياد وكان واليًا لشمال الجزيرة الأندلسية أو لمنطقة أستروياس ونسجوا حول هذه الشخصية الاساطير، ولكن على ما يبدو ان منوسة اسم مكان وليس انسان فلا يظهر وجود وأساس قوى لإعتبار صحة مثل هذه القصة التى قبلها عدد من الباحثين المحدثين أخذًا بالرواية الاوروبية، ولم يتيسر الوصول إلى نص أندلسى يشير إلى وجود مثل هذه الشخصية أو يشرح أحداثًا قام بها، وحمل اسم منوسة أو مقوشة حسب نصي ابن عذاري وابن خلدون وعبارتهما تدلان بشكل أقوى أنها اسم مكان، فهل تكون هى مدينة ماسون “Macon” الفرنسية الواقعة شمال مدينة لوذون “ليون” Lyon على وادى رودنه نهر الرون “Rhone” فتكون هذه المناطق التى وصل إليها الهيثم وهى مع غيرها جنوبًا وشمالًا شملها جهاد المسلمين وراء البرت لهذا العهد ولم يلبث الهيثم ان توفى بعد ان حكم الأندلس لمدة عامين.

معركة بلاط الشهداء

عين عبد الرحمن بن عبد الله الغافقى واليًا للأندلس، عينه عبيدة بن عبد الرحمن السلمي والى أفريقيا بمصادقة الخليفة هشام بن عبد الملك فى صفر سنة 113 هـ ابريل \ نيسان سنة 731 م فكانت ولايته الثانية، واما ولايته الأولى فكانت سنة 103 اثر مقتل السمح، وكان عبد الرحمن جنديًا عظيمًأ وحاكمًا قديرًا بارعًا فى شئون الحكم والإدارة تجمع الرواية الإسلامية على تقديره والإشادة بعدله وتقواه.

كارل مارتل

شارل مارتل

وكان أودو أمير أكوتين فضلًا عما يهدده من خطر الغزو الإسلامى يخشى بأس خصمه القوى كارل مارتل زعيم الفرنج وكذلك كان كارل ينقم على أودو نفوذه واستقلاله بالجنوب وقد غزا بالفعل أكوتين غير مرة وهزم أميرها.

وكان شارل مارتل “كارل مارتل” (المعروف كذلك بشارل المطرقة وكان الحاكم الفعلى للفرنجة فى فرنسا) يعد العدة ايضًا للسيطرة على المناطق الجنوبية وقام بالتخطيط مبكرًا لما كان يعلمه من جهاد المسلمين المستمر فى الأرض الكبيرة منذ سنوات.

بدأ الفرنجة والقوط فى الولايات الشمالية بالتحرك لمهاجمة المواقع الإسلامية وكان عبد الرحمن يتوق إلى الانتقام لمقتل السمح وهزيمة المسلمين وبدأ يتخذ العدة منذ بداية ولايته لإجتياح مملكة الفرنج كلها.

 

 

بوردو

مدينة بوردو فرنسا

وجمع عبد الرحمن الغافقى أعظم جيش سيره المسلمون إلى فرنسا أو “غاليس” منذ الفتح وفى أوائل سنة 732 م أوائل سنة 114 هـ سار عبد الرحمن إلى الشمال مخترقًا ولاية أراجون فى الثغر الأعلى ونافار وعبر جبال البرنيه من طريق بنبلونة ودخل فرنسا فى ربيع سنة 732 م، وزحف على مدينة آرل الواقعة على نهر الرون لتخلفها عن أداء الجزية وفتحها بعد معركة عنيفة نشبت على ضفاف النهر بينه وبين قوات الدوق أودو، ثم زحف غربًا وعبر نهر الجارون وانقض المسلمون كالسيل على ولاية أكوتين فحاول أودو أن يوقف زحفهم والتقى الفريقات على ضفاف نهر الدرون فهزم الدوق هزيمة فادحة ودخل عبد الرحمن بردال “بوردو” بعد حصار قصير وفر الدوق للشمال.

 

سانس فرنسا

مدينة سانس فرنسا

وواصل عبد الرحمن زحفه إلى ان وصل مدينة سانس التى تبعد عن باريس نحو 100 ميل فقط أو حوالى 130 كيلو متر وبذلك يعتبر عبد الرحمن الغافقى قد افتتح النصف الجنوبى كله من الشرق للغرب فى بضعه اشهر فقط.

ذهب الدوق أودو إلى خصمه القديم كارل مارتل يطلب منه العون والنجدة

فتأهب شارل مارتل للزحف وجهز جيشه لملاقاة المسلمين.

 

 

 

 

موسيه لاباتاى فرنسا

موسيه لاباتاي هذه المنطقة التى يرجح ان معركة بلاط الشهداء دارت بها

تحدث بعض الباحثين الأوروبيين عن تحديد المكان إلا انهم اختلفوا فى ذلك ولم يخرج هذا الاختلاف فى التحديد عمومًا عن المنطقة الواقعة بين مدينتى تور Toursعلى نهر اللوار Loire وبواتييه Poitiers على نهر كلين وفيين فرعى نهر اللوار، والمسافة بين المدينتين حوالى 90 كيلو متر لذلك تسمى المعركة فى الرواية الاوربية بإسم احدى المدينتين أو كليهما la bataille de Tours/Poitiers فذكر أنها بدأت عند تور كما ذكر الميدان قرب بواتييه ويذهب إلى الأخير العديد، وذكر أن ميدان المعركة قرب طريق رومانى يصل بين بواتييه وشاتلرو على نهر فيين فرع من فروع نهر اللوار وبينهما حوالى 30 كيلو متر فى مكان يبعد حوالى 20 كيلو متر شمال شرق بواتييه يُحتمل فى المكان المسمى حاليًا موسيه لاباتاي Moussais la bataille وهناك العديد من المصادر الفرنسية تشير ان معركة لابواتيه او بلاط الشهداء دارت بالفعل على أرض موسيه لاباتاي، وهناك اشارة إلى قرية Fosse le Roi الواقعة بين مدينتى تور وبواتيه قد استكشف هناك حديثًا فى الحفريات بعض السيوف العربية فلعل موضع هذه القرية يقع ضمن ميدان معركة بلاط الشهداء إلا أنه لم يحدد موقعها بدقة.

بواتيه فرنسا

مدينة بواتيه فرنسا

انتهى الجيش الإسلامى فى زحفه إلى السهل الممتد بين مدينتى بواتييه بعد ان افتتحوا المدينتين انتهى جيش الفرنجة إلى نهر اللوار، وأخطأت الطلائع الإسلامية تقدير عدده وعدته فلما أراد عبد الرحمن أن يقتحم اللوار لملاقاة العدو على ضفة النهر اليمنى فاجأه شارل بجموعه الضخمة فارتد من ضفاف النهر ثانية إلى السهل الواقع بين تور وبواتييه، وعبر كارل النهر غربى تور وعسكر بجيشه إلى يسار الجيش الإسلامى بأميال قليلة بين نهرى كلين وفيين فرعى اللوار.

 

 

 

كان الشقاق فى الجيش الاسلامى يضطرم وكان هناك جزء يتوق إلى الإنسحاب بالغنائم الكبيرة التى غنموها فى غزوهم لفرنسا، وقدّر عبد الرحمن خطر هذه الغنائم على نظام الجيش وحاول عبثًا ان يحملهم على ترك شئ منها ولكنه لم يشدد فى ذلك خشية تمرد الجند، وكان المسلمون من جهة أخرى قد أنهكتهم غزوات أشهر متواصلة منذ دخولهم الى الارض الكبيرة فرنسا ونقص عددهم بسبب تخلف حاميات عديدة منهم فى كثير من القواعد والمدن المفتوحة.

بدأ القتال فى اليوم الثانى عشر أو الثالث عشر من أكتوبر سنة 732 م أواخر شهر شعبان سنة 114 هـ ونشبت بين الجيشين معارك محلية على مدى سبعة أيام أو ثمانية احتفظ فيها كل فريق بمراكزه.

رسم لشارل مارتل فى معركة لا بواتيه

رسم لشارل مارتل فى معركة لا بواتيه

وفى اليوم التاسع نشبت بينهما معركة ضخمة فاقتتلا حتى دخول الليل واستأنفا القتال فى اليوم التالى، وأبدى كلاهما منتهى الشجاعة والجلد ثم بدا الإعياء على الفرنجة ولاح النصر للمسلمين ولكن حدث عندئذ أن افتتح الفرنج ثغرة فى معسكر الغنائم الإسلامى وخُشى عليه من السقوط فى أيديهم، فارتدت قوة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة إلى ما وراء الصفوف لحماية الغنائم وتواثب الكثير من الجند للدفاع عن غنائمهم فدب الخلل فى صفوف المسلمين، وعبثًا حاول عبد الرحمن رحمه الله ان يعيد النظام وأن يهدئ من روع الجند وبينما هو يتنقل أمام الصفوف يقودها أصابه من جانب الأعداء سهم أودى بحياته فسقط قتيلًا من فوق جواده وعم الذعر والإضطراب فى الجيش الإسلامى واشتدت وطأة الفرنج على المسلمين وكثر القتل فى صفوفهم، وصمد الجيش الاسلامى فى القتال حتى الليل وافترق الجيشان دون فصل وكان ذلك فى يوم الحادى والعشرين من اكتوبر سنة 732م أوائل رمضان سنة 114 هـ.

 

 

وغادر المسلمون فى اليوم التالى واكتفى شارل بذلك ولم يتعقب الجيش الاسلامى خوفًا ان يكون كمين من المسلمين ووجد بعض الجرحى من المسلمين الذين لم يستطيعوا مرافقة الجيش المنسحب فذبحهم.

ذكر ابن بشكوال عن الغافقى انه من التابعين الذين دخلوا الأندلس وأنه روى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ووصفه الحميدى بالصلاح وجمال السيرة والعدل وحبه الشديد للجهاد فى سبيل الله.

الرواية الأوربية عن معركة بلاط الشهداء

تفيض الرواية الأوروبية كتابة عن وقعة بلاط الشهداء وكثرة من شروحها الحالية مستمدة أو متأثرة بهذه الرواية التى تتسم إلى حد موغل بالتحامل والكراهية والبعد عن الحقائق أو إهمالها ملفوفة برداء أسطورى لذا فهي غير مأمونة فقد ذكرت الرواية الأوربية ومن تابعها من الباحثين والمشتغلين بالتاريخ فى تعليل خسارة المسلمين فى وقعة بلاط الشهداء أسبابًا يرد عليها الدكتور عبد الرحمن على الحاجى وهى:

أولًا وجود خلاف بين الجيش الإسلامى

ولكن لا تتوفر أخبار أو أحداث تتعلق بهذا الخلاف بل قاتل الجميع بشجاعة وفداء.

ثانيًا الغنائم التى أثقلت الجيش الإسلامى وكان حريصًا عليها وكيف جرت بسببها حركة التفاف حولها خلف المعسكر فتراجع يحميها واختل تماسكه واستشهد الغافقى وهزم الجيش.

ويبدو ان قصة الغنائم أسطورة لا أصل لها وهذا مع اختلافها عن كل ما عرفناه عن الفتح الإسلامى والتمسك بأهدافه العليا القائمة على الجهاد فى سبيل الله وإعلاء كلمته.

ثم كيف يحمل الجيش الإسلامى هذه الغنائم الثقيلة المعوقة وهو أمر لم نألفه منه فى حملاته السابقة فى الأرض الكبيرة وهو يعلم مقدمًا انه ذاهب للقاء حاسم يبتغى نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله.

قال الغرب عن معركة بلاط الشهداء

قال إدوارد جيبون ان حوادث هذه الموقعة “أنقذت آباءنا البريطانين وجيراننا الغاليين “الفرنسيين” من نير القرآن المدنى والدينى وحفظت جلال روما وأخرت استعباد قسطنطينية وشدت بأزر النصرانية وأوقعت بأعدائها بذور التفرق والفشل”

يقول السير إدوار كريزى “ان النصر العظيم الذى ناله شارل مارتل على العرب سنة 732 وضع حدًا حاسمًا لفتوح العرب فى غرب أوربا وانقذ النصرانية من الإسلام وحفظ بقايا الحضارة القديمة وبذور الحضارة الحديثة ورد التفوق القديم للأمم الهندية الأوربية على الأمم السامية”

يقول فون شليجل فى كلامه عن الإسلام والإمبراطورية العربية “ما كاد العرب يتمون فتح إسبانيا حتى تطلعوا إلى فتح غاليا وبرجونية ولكن النصر الساحق الذى غنمه بطل الفرنج شارل مارتل بين تور وبواتييه وضع لتقدمهم حدًا وسقط قائدهم عبد الرحمن فى الميدان مع زهرة جنده وبذا أنقذ شارل مارتل بسيفه أمم الغرب النصرانية من قبضة الإسلام الفاتكة”

أربونة فرنسا

أربونة فرنسا

اما من شهدات المنصفين فى الغرب فيقول جوزيف مارتن مكابى

لا يزال المدرسون في مدارسنا العالية يقولون للأطفال الأغرار – ناقلين – من مختصرات كتيبات التاريخ غير النزيهة ويطنبون في مدح (شارل مارتل) الظافر قدس سره حين لقي العرب في سهول فرنسة وصدهم عنها وحفظ العالم من المدنية
إذ لا يوجد في الدنيا مدرس في جامعة أو مدرسة يتجرأ أن يقول لتلامذته أن العرب أقاموا مدنية من أعظم مدنيات العالم، وأن شارل مارتل وجنده كانوا لصوصا خرابا متوحشين بارباريين ،وأن عرب أسبانيا لو تجمعوا في فتح أوروبا وبقوا فيها قرنين وأقاموا فيها مدنيتهم كما فعلوا في إسبانيا لكنا متقدمين خمسة قرون أكثر مما نحن عليه اليوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع

دكتور محمد عبد الله عنان، دولة الإسلام فى الأندلس

الدكتور عبد الرحمن على الحاجى، التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامى حتى سقوط غرناطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *