شنترين

شنترين

شَنْتَرِين Santarém

مدينة شنترين الأندلسية تقع فى شمال شرق أشبونة “لشبونة عاصمة البرتغال” وتتبع ولاية إسترمادوره البرتغالية، وهى تقع على ضفاف نهر تاجُه أطول أنهار شبه الجزيرة الآيبرية.

قال عنها ياقوت الحموى:

“شَنْتَرِينُ مدينة متصلة الأعمال بأعمال باجة فى غربى الأندلس، ثم غربى قرطبة وعلى نهر تاجُه قريب من انصبابه فى البحر المحيط، وهى حصينة، بينها وبين قرطبة خمسة عشر يومًا، وبينها بين باجة أربعة أيام، وهى الآن للأفرنج مُلكت فى سنة 543 هـ” (1)

ويعتبر أشهر من أنجبتهم مدينة شنترين هو ابن بسّام الشنترينى صاحب كتاب الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة.

وشنترين مدينة قديمة ترجع إلى العهد الرومانى، وكانت أيام المسلمين نظرًا لحصانة موقعها فى منعطف النهر، من المراكز الأمامية للمعارك المستمرة بين المسلمين والنصارى، ولها فى ميدان الجهاد تاريخ مؤثر، سقطت فى يد القشتاليين أول مرة فى سنة 486 هـ 1093 م حينما استولى عليها ألفونسو السادس ملك قشتالة (2) ولكن استردها المرابطون وذلك حينما اتخذوا من مدينة بطليوس قاعدة عسكرية تخرج منها الحملات الجهادية صوب الشمال إلى أراضى مملكة البرتغال التى كان يحكمها الأمير هنرى البرجونى (الرنك) (3) زوج تريزا ابنة ألفونسو السادس، فإستطاعت القوات المرابطية إسترجاع بعض المُدن المهمة مثل يابرة واشبونة وشنترين وذلك فى عام 505 هـ 1112م (4) إلا ان ألفونسو هنريكيز ابن الرنك ملك البرتغال استعاد السيطرة على المدينة فى عام 542 هـ 1147 م، حاول الموحدون استردادها بقيادة الخليفة أبى يعقوب يوسف فى سنة 580 هـ 1184 م ولكن فشلت المحاولة وقتل أبو يعقوب تحت أسوارها أو توفى بعد ذلك بأيام قلائل من الجراح التى أصابته فى الموقعة. (5)

وتقع شنترين على ربوة عالية تطلّ على مساحات شاسعة من غابات الزيتون، وترتسم على دروبها الضيقة ملامح المدينة الأندلسية، وما زالت شنترين تحتفظ ببعض معالمها الأثرية الأندلسية فهناك من أسوارها القديمة جزء كبير فى حالة جيدة خلف الكتدرائية، وعلى مقربة منها قطعة أخرى من السور تشرف الربوة التى يحيط بها السور والتى يتوسطها منتزه كبير على نهر التاجه وهو يجرى تحتها وينحنى عندها ويوجد تحت السور فى نهاية الحديقة عقد عربى يسمى عقد أتمارما Arco d’Atamrma ويقال انه هو الباب الذى دخل منه الملك ألفونسو هنريكيز المدينة عقب سقوطها. وكذلك توجد قطعة ثالثة من الأسوار القديمة فى طرف المدينة عند مدخلها وهو ما يحدد موقعها القديم.

اما الكتدرائية المسماة سان فرنسيسكو فموقعها على مقربة من الأسوار الأندلسية يُرجّح انها بنيت فوق موقع جامع القصبة الأندلسية التى كانت تحتل هذه البقعة والتى تبقى منها بعض اجزائها وهى مسماة اليوم بأبواب الشمس Potra del sol

أما كنيسة الكسوفا Alcacovas فهى أقدم كنائس المدينة وأنشأها فرسان المعبد (الداوية) فى منتصف القرن الثانى عشر وتقع فى طرف المدينة الشرقى وهى ذات عقود عربية

وهناك كذلك كنيسة القديس يوحنا Sao Joao التى ما تزالت تحتفظ بمئذنة المسجد الذى بُنيت على انقاضه والذى تم تحويل مئذنته إلى برج أجراس (6) ويسمى برج الأجراس الآن Cabaças وهو يقع على مقربة من الكنيسة (7)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- ياقوت الحموى، معجم البلدان ج3 ص367

2- عبد الله عنان، الآثار الأندلسية الباقية فى اسبانيا والبرتغال ص 425

3- عندما انهزم ألفونسو السادس فى معركة الزلاقة استصرخ طالبًا النجدة من كل أنحاء غرب أوروبا، فإستجاب لهذا النداء مجموعة من البارونات والفرسان الفرنسيين من مقاطعتى بورجونيا ونورمانديا وتجهز جيش كان من ضمنه الكونت البروجوانى هنرى الذى آثر البقاء فى اسبانيا ليحصل على اقطاعية لانه كان كونت ولكن لدون أرض وتم له ما أراد وتزوج تريزا الأبنة غير الشرعية لألفونسو السادس الذى اهداه كونتية البرتغال .. انظر كتاب تأسيس مملكة البرتغال لـ محمد محمود النشار.

4- خليل السامرائى وعبد الواحد ذنون طه و ناطق صالح، تاريخ العرب وحضارتهم فى الأندلس ص 256

5- عبد الله عنان، المرجع السابق

6- عبد الله عنان، المرجع السابق ص 428

7- على سبيل المثال يستدل الإسبان على ان أبراج الكنائس كانت فى الأصل مآذن بوجودها خارج مبنى الكنيسة سواءً كان ملاصق لها أو على مقربة منها.

المواضيع ذات الصلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *