سنذهب في جولة إلى جنوب الأندلس، و تحديداً في ممالك الغرب الأندلسي، سنذهب إلى شلب الواقعة جنوب البرتغال بالقرب من الساحل الأطلسي.
تقوم شلب على مرتفع مجاور لنهر “أراده” وسط بسيط خصب قريب من البحر المحيط. أمّ قلعتها الحمراء عدد كبير من الشعراء والعلماء، وحصدت مدائح المؤرخين لكثرة خيراتها في الزراعة والتجارة، واطنبوا في وصف قصبتها وأسوارها وأسواقها ورهافة العيش فيها.
وقعت شلب بيد المسلمين بعد فتح إسبانيا سنة 713م وصارت من أهم مدن الأندلس تحت حكم الأمويين ثم استقلت زمن ملوك الطوائف.
وبعد انتهاء الفتنة أصبحت شلب سنة 1013 إمارة مستقلة يحكمها بنو مزين الذين مكثوا يحكمون مقدرّاتها إلى أن سيطر عليها ملك اشبيلية المعتضد بن عباد في سنة 1053-1052 وضمَّها إلى ملكه. بعد قرن من ذلك أصبحت شلب بؤرة للتمرّد ضد سلطة المرابطين إذ أعلنت تأييدها لابن قسي الذي فتح أبوابالأندلس للموحدين.
في العام 1189 اضطرت المدينة إلى الاستسلام أمام جحافل سانتشو الأول، ملك البرتغال، وذلك بعد حصار دام زهاء أربعة أشهر. فكان لسقوطها وقع الصاعقة في الغربالإسلامي، الأمر الذي دفع أبا يوسف يعقوب إلى التوجه إليها بآلات حرب أجبرت النصارى على إجلائها سنة 1191. بعد أفول نجم الموحدين باتت من أعمال مليك لبلة ابن محفوظ إلى أن استولى عليها نهائياً ملك البرتغال ألفونسو الثالث سنة 1242.
احتضنت شلب في عزّ أمجادها حشدًا من الشعراء، ففي أوساطها المثقفة نبغ ابن عمّار، وزير المعتمد بن عبّاد الذي ولد في ضيعة قريبة من شلب. ونجد فيها في عهد المرابطين شعراء من أمثال شاعر فاس ابن حبوس والقاضي ابن القنطري (1108-1049) ومحمد العامري الباجي (1137-1054).