ردّة نبلاء غرناطة

ردّة نبلاء غرناطة

ّ

كلما اغتر الملوك عموا عن أخطائهم، وشَرُّ أخطائهم في وزارتهم، فوراء كل سلطان منهار مستشار، ووراء كل نادب حاجب، سُنّة لمسناها بقدرة الجليل في غير مناسبة ولم يسلم منها بنو الأحمر حينما استوزر الملك المخلوع ووالده وجده نفس بطانة السوء، أبو القاسم بن رضوان بنّيغش سليل أسرة نصرانية كان قد أُسِر جدها في معارك مع المسلمين (وكان سلفه رضوان النصري كذلك سليل نصارى)، أبو القاسم هذا من سعى في معاهدة تسليم غرناطة، ومن بعدها معاهدة رحيل بني نصر عن البشرات إلى العدوة المغربية، تنصَّر بعد ذلك ودخلت أسرته في كنف النبلاء القشتاليين،وللاسف لم يكن الوحيد.
بعد سقوط غرناطة مباشرة وتوقيع معاهدة التسليم سنة 1492م، هاجر عدد كبير من الأعيان والتجار ديارهم وقصورهم التي باعوها للقشتاليين، فاستقر بنو سراج في فاس، وأشراف ألمرية في وهران وتلمسان، وأعيان غرناطة ورندة وبسطة إلى تطوان وضواحيها (وهم من أعادوا تحصينها وبناءها أواخر 1492) فيما تفرق الباقي على سواحل الجزائر وبجاية وتونس وصفاقس وسوسة في الشرق، وغرباً على سواحل الأطلسي كسلا وآزمور وآسفي كان الأندلسييون يستقرون بحسب قراباتهم أو معارفهم، و على أفواج يُمهّد الأول منها للتالي وهكذا وكانوا يختارون المدن بحسب اقتراب طبيعتها من طبيعة مدنهم الأصل غالباً، فأهل المناطق الجبلية يفضلون الجبال، وأهل المدن الكبرى يفضلون المدن الكبرى، وأهل السواحل يفضلون السواحل فيشترون الأراضي ويصلّحون الخراب والمدن البائدة كتطوان التي أصلحها القائد الغرناطي أبو الحسن علي المنظري أو مدينة الشاون في شمال المغرب. غير أن جميع الأعيان لم يغادروا الأندلس بعد السقوط أو رحيل آخر الملوك أبو عبد الله وأهله أواخر 1493م، فهناك من اختار البقاء (والجهاد) وهناك من ارتد عن دين الله وتملّق للحكام القشتاليين، ومن جملة المذلة تنصّر كثير من الأمراء والأعيان الذين بقوا في غرناطة، فاعتنق المسيحية طواعية (حتى قبل فرض التنصر الإجباري بسنين) الأميران سعد ونصر أبناء السلطان أبي الحسن، كما رجعت أمهما “ثريا” إلى دينها النصراني فأصبحت تعرف بإليزابيث دي سوليس، وأصبح ابنها يعرف بالدوق “فرناندو دي غرناطة” وأصبح أحد كبار قادة جيش قشتالة وأخوه بالدوق “دون خوان دي غرناطة” ،وتنصّر الأمير يحيى النيار قائد ألمرية وابن عم أبي عبد الله الزغل (حاكم غرناطة الذي اصطدم مع ابن أخيه أبو عبد الله الصغير) فأصبح يسمى ب “دون بيدرو دي غرناطة” وتنصَّرت زوجته. كما تنصَّر كل آل بنغيش وفيهم الوزير أبو القاسم بن رضوان بنغيش، وكان من نسله “دون ألونسو دي غرناطة بنغيش(1)” أحد نبلاء العرش الإسباني وحاكم لجنَّة العريف بغرناطة ساهم بنفسه في قمع ثورة البشرات سنة 1568م، وتنصَّر الوزير بن كماشة (وزير أبو عبد الله الذي لازمه حتى الرحيل) وأصبح راهبا! وكثير من الوجهاء والتجار الذين فضَّلوا الانتكاس على المواجهة أو الرحيل.
ولا غالب الا الله…
_________________________________________________
(1): الصورة لدون ألونسو دي غرناطة بنغيش

تعليق واحد على “ردّة نبلاء غرناطة”

  1. أعيان و نبلاء الأندلس و علمائها هاجروا إلى فاس و ليس تطوان و تطوان لم تشهد من الهجرات الأندلسية سوى الفئة الأخيرة من الموريسكيين الذين عاشوا الذل و الفقر و الهوان و الاضطهاد و التنصر قسرا على يد الكاتوليك . و أرجو منكم العودة لمراجعة تاريخ الأندلس و هجرة الأندلسيين إلى شمال افريقيا كي تتأكدوا من صحة معلوماتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *