لوي كاردياك| الموريسكيون الاندلسيون والمسيحيون المجابهة الجدلية ( 1492 -1640 ) مع ملحق بدراسة عن الموريسكيين في أمريكا.
جاء في مُقدمة المُترجم، المؤرخ الدكتور عبد الجليل التميمي: لقد كتبنا غيرما مرة أن تاريخ الموريسكيين لم يَلق من لدن الباحث والمؤرخ العربي الإسلامي أي إهتمام جدي يَسمو عن السرد العاطفي المُثير ليتناول جوهر الوجود الموريسكي ودراسة أبعاد اختناقه وذوبانه في صُلب المُجتمع الاسباني، ولقد نجحت الأساليب التعسُفية التي مارستها محاكم دواوين التفتيش في القضاء بصورة تهائية على هذا الوجود الموريسكي وطمس اّثاره كُليةً، متوجةً عملها بقرار الطرد النهائي الفظيع سنة 1609 م،والذي يزيد قلقنا عُمقاً، أن المؤرخين العرب ما زالوا لم يكتشفوا بعد خطورة وعُمق وأهمية هذا الموضوع بالنسبة للتاريخ العربي الإسلامي، إذ هُم مُشبعون بروح الإقليمية الضيقة والجري وراء السهل وعدم تكليف أنفسهم مشقة دراسة اللُغات الأجنبية، والصبر على التحري والبحث ومُواكبة المدارس التاريخية والسعي إلى إرضاء النزوات السياسية وتهميش أنفسهُم، فضلاً عن تهميش القضايا التي يُعالجونها، وهذا ما جعل دور المؤرخ العربي في هذه البلورة التاريخية المرجوة ضئيلاً إن لم يكُن مفقوداً على الساحة العالمية فضلاً عن الساحة العربية، ورسالة لوي كاردياك تُعد نموذجاً للدراسات الغربية القيمة لتعميق البُعد الإضطهادي والنفسي الذي عاشه الموريسكيون، ولا يسعُنا كعرب ومُسلمين إلا تهنئته على هذا التتبُع الموضوعي المُركز للحياة اليومية الموريسكية ولإرتجاجاتُها النفسية ولظروف القهر والمسخ التي مارستها إسبانيا القرن السادس عشر تجاههُم.
على أن القارئ سوف يشعُر بأن الأستاذ لوي كارديالك مِن هؤلاء الباحثين والمؤرخين القلائل اليوم، من يضع الحقيقة التاريخية فوق كُل الإعتبارات، ونحنُ نضُم صوتنا إليه، لأننا نؤمن بأن الحقيقة التاريخية الموريسكية فوق كُل الإعتبارات، وأنه وجب تشجيع المؤرخين ، كُل المؤرخين دون إستثناء ، على دراسة التاريخ الموريسكي، هذا التاريخ الذي يحتاج إلى عشرات المُتخصصين عرباً وأجانب، وفي اعتقادي أن تاريخ الموريسكيين يُعتبر حلقة هامة وخطيرة بالنسبة للتاريخ العربي -الإسلامي على الإطلاق، وأن المؤرخين العرب ومراكز البحث التاريخية والوثائقية في الوطن العربي، إنما يتحملون مسؤولية تاريخية خطيرة بعدم صرف الإهتمام لمثل هذه المواضيع الجوهرية بحجة أو بأخرى.