مَنْسِك كواتروفيتاس (Ermita de Cuatrovitas) هو معبد مسيحي كاثوليكي في منطقة الجرف (Aljarafe) في محافظة إشبيلية ويتبع إدارياً لبلدية بويويوس دي لا ميتاسيون، التي يبعد عنها بأربعة أميال. يزوره سكان القُرى المجاورة لإقامة احتفالات موسمية لتقديس السيدة العذراء، وعند نهاية الحصاد ولطلب الغيث أثناء الجفاف. كان مسجداً قروياً أسسه الموحدون بين 1175 و 1180، أي أنه سبق تأسيس جامع إشبيلية الكبير بسنوات قليلة.
بعد تقهقر “ثورة المريدين” ونشوب خلافات بين قيادتها، قطع مؤسسها أحمد بن قَسِيّ البحر وتوجه إلى مقابلة زعيم النظام الجديد بالمغرب الأقصى، عبد المؤمن بن علي، وهو بمدينة سلا، طالباً منه الدخول تحت سلطته وأغراه باجتثاث بقايا المرابطين بالأندلس، فوثقوا به وأرسلوا معه جيشاً بقيادة برّاز بن محمد المسوفي، في شعبان 541هـ، ويعتبر أول جيش للدولة الموحدية يدخل بلاد الأندلس، فتوجهوا عبر إشبيلية، بعد تأمينهم وسيطرتهم على موانئ طريف والجزيرة الخضراء، إلى إقليم الغرب، وفي طريقهم استسلم البطروجي حاكم طائفة لبلة. فخضع غرب الأندلس بعد محاربتهم زعيم ثورة المريدين “ابن وزير”، الذي استسلم، وعينوا ابن قَسي مكانه.
فبدأت سياسة الموحدين في هدم أغلب المعالم التي أسسها المرابطين، الذين اتهمهم الموحدين ووصفوهم “بالمجسمة”، فتم هدم العديد من المساجد بما فيها مراكش ومواقع أخرى، لأنها حسب قولهم منحرفة عن القبلة، في محاولة لمحو كل أثر يمكنه تمجيد المرابطين، السياسة التي سيتبرأ منها لاحقاً الخليفة الموحدي إدريس المأمون، وستجلب له الويلات، حيث ستتمرد عليه مشيخة كبار فقهاء الموحدين بالأطلس، بالإضافة لانشقاق مشيخة تونس (الحفصيين)، رافضين المساس بعقيدة المهدي ابن تومرت.
من المحتمل أن موقع المسجد كان بلدة قروية ذات أهمية وموجودة قبل دخول الموحدين إلى الأندلس، ففي عام 1973 تم تنفيذ تنقيبات أثرية في محيط المسجد بقيادة رافائيل مانثانو، سمحت بمعرفة الفناء وتحديد مكان المحراب.
يتميز مبنى المسجد عن باقي المساجد الموحدية كونه لا يحتوي على شريط “السبكة” وهو عنصر زخرفي يغطي الجدران والأقواس، يتميز به جامع إشبيلية الكبير الذي تم استيراد السبكة من المغرب الأقصى خصيصاً لاتمام بناء صومعته الخيرالدا.
لأداء دوره الجديد ككنيسة مسيحية، استلزم الأمر عدة تغييرات، كان أولها إعادة توجيه المعبد، حيث كان المدخل الرئيسي الأصلي للمسجد يقع شمالاً بجانب المئذنة، والمحراب كان موجوداً في الجدار الجنوبي، فتم نقل المحراب إلى الشمال، في حين فُتح الجدار الجنوبي كباب رئيسي للمعبد. هذه التحسينات “الطفيفة” سمحت بالاحتفاظ بهيكل المسجد.
عرف المعبد عدة اصلاحات من الداخل خلال القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر، والتي تم توثيقها من قبل نقوش، تروي مختلف الأحداث التاريخية المتعلقة بالمعبد في تلك الفترة. أبرزها تنصيب الأجراس سنة 1618، وحوض الماء المقدس المخصص للتعميد سنة 1621.
في عام 1931 تم حماية هذا الموقع من قبل الدولة وتصنيفه ضمن التراث الوطني الإسباني.