القلانس والغفائر

القلانس والغفائر

القلنسوة ما يغطى الرأس من الوشى أو الخز أو الصوف أو الفراء، وكانت من ألبسة الرأس المحببة عند المسلمين، وعن ابن عمر قال‏:‏ “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة‏‏ بيضاء‏”.‏ رواه الطبرانى. وكان الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة رضى الله عنهم يرتدون القلنسوة تحت العمائم، وقال علي بن أبى طالب كرّم الله وجه: “تمام جمال المرأة فى خفها، وتمام جمال الرجل فى كمته” (أى قلنسوته)(1).

وقد شاع استخدام القلانس فى الأندلس على الأخص فى عصر الدولة الأموية.(2) ولكن استخدامها لم يكن مألوفًا لدى القضاة الذين كانوا يؤثرون العمائم، وإن كان قد لبسها بعض القضاة المفتين(3) ومنهم: أبو خالد سعيد بن سليمان بن حبيب الغافقي، الذى جلس للفتوى فى المسجد فى عهد الأمير عبد الرحمن الأوسط وفوق رأسه قلنسوة صوف بيضاء من فضل جبته، فإزدراه الوكلاء(4) ، وكان القاضى محمد بن عبد السلام الخشنى يضع قلنسوة على رأسه، وعندما اسندت إليه خطة القضاء فى عهد الأمير المنذر تمنع ثم اضطر إلى خلع قلنسوته من رأسه (5)، وذكر الخشني أن معاوية بن صالح القاضى وصاحب الصلاة بقرطبة انتزع قلنسوة من رأس قارئ القرآن فى الجامع ورمى بها إلى ناحية من نواحي المقصورة.

وممن كان يرتدى القلنسوة من أهل الأندلس الأمير عبد الرحمن الأوسط وحاجبه عيسى بن شهيد، وعبد الرحمن بن زرياب، وغالب الناصري، وكان عبد الرحمن شنجول بن المنصور بن أبي عامر يلبس قلنسوة عندما وقع فى يد الحاجب ابن درى فامر بانتزاعها عن رأسه، فنزعت. كما لبسها الملك المعتمد بن عبّاد ووزيره الشاعر ابن عمّار، وكان الرماة فى عصر الخلافة الأموية يتقلسون المقاريف الوبر (وهى نوع من ألبسة الرأس فى المغرب والأندلس يتخذ شكل قلنسوة عالية مخروطية الشكل) وكان البوابون والغلمان بدار الخيل يتقلسون بالقلانس الموشية، وكان غالب الناصرى يوم قتل يلبس على رأسه طرطورا عاليًا(6).

أما الغفارة وجمعها غفائر فكانت فى الأصل خرقة تضعها المرأة على رأسها حماية للخمار من التعرّق، ولكنها فى الأندلس كانت طاقية تطوق الرأس وتشبه القلنسوة، وقد تتخذ رداء خارجيًا أشبه بالمعطف، ولكن الشائع أنها من ألبسه الرأس تنسدل على الكتفين.

ويذكر ابن حيان أن أهل طليطلة ركبوا بثياب زينتهم إلى الطاغية “يقصد ألفونسو ملك قشتالة” كأنهم وفد سلم يشهدون توقيع معاهدة صلح، فأوقع بهم، وقتل منهم عددًا كبيرًا، وغنم النصارى ألف غفارة كان يلبسها القتلى.

أما صاحب الحلل الموشية فيذكر أن أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين أهدى عمه أبا بكر عمر فى جملة ما هاداه به مائة عمامة ومائة غفارة. ويفهم من ذلك أن الغفارة كانت بمثابة منديل طرح على الرأس تحت العمامة(7).

كما أن الخليفة أبا يعقوب يوسف بن عبد المؤمن أنعم في سنة 560 هـ على الموحدين الذين وصلوا صحبة أخيه السيد أبي حفص إلى مراكش وأجناد العرب والغازين بالكسوة التامة من العمائم والغفائر والبرانس والأكسية (8).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-الجاحظ، البيان والتبيين ج3 ص 96

2-دوزى القاموس المفصل بأسماء الملابس العربية

3-ابن بسام، الذخيرة فى محاسن أهل الجزيرة المجلد الثانى ص 111

4- الخشنى، تاريخ قضاة قرطبة ص 62

5- الخشنى، المصدر السابق ص7

6- سحر عبد العزيز سالم، ملابس الرجال فى الأندلس فى العصر الإسلامى ص 9

7- المرجع السابق ص 10

8- ابن صاحب الصلاة، تاريخ المن بالإمامة على المستضعفين ص 291

المواضيع ذات الصلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *