السمبوسك، من الهند إلى الأندلس
السمبوسك من أشهر الأطباق الجانبية التي تقدم في موائد رمضان، ويعتقد أن السمبوسك أو السمبوسة نشأت في منطقة الشرق الأوسط في حوالي القرن العاشر الميلادي وإنتقلت فيما بعد عبر التجار المسلمين إلى شبه القارة الهندية، وكثير من المؤرخين قد ذكروها في كتبهم لما وجدوه عند النبلاء والأمراء من إحتفاء بهذه اللفائف المحشوة بأطايب اللحوم والسمن والخضار.
ومن بين السلاطين العظام الذين ذكرت السمبوسة في موائدهم الشاه محمد بن تغلق وهو واحد من أشهر سلاطين الهند في القرن السابع الهجري، وقد ذكر إبن بطوطة الرحالة الشهير كيف كان هذا الطبق الجانبي مدللًا في بلاط السلطان، فمرة محشو باللحم والخضار، ومرة محشوة باللوز والفستق والجوز كما حال القطائف التي نعرفها اليوم.
ورغم إختلاف الرواة في أصل هذا الطبق الشهيّ، إلا أنه لابد من الإشارة إلى دور الإستعمار البريطاني الذي سيطر طويلًا على منطقة الهند في نشر ثقافة السنبموسة في دول العالم التي تقع تحت الإنتداب من أقصاه إلى أقصاه مرورًا بالحجاز واليمن.
أما في الأندلس فقد كانت معروفة أيضًا كما في المشرق، وكانت تسمى بالجوداية أو السنبوسك بالنون، أو السنبوسج بالجيم، وقد اشتهر في المشرق أن رقائق السمبوسة التي نعرفها اليوم كانت تحشى باللحم والبيض، بينما السمبوسة في الأندلس كانت محشوة بالثوم والتوابل مخلوطة باللحم، أو بالسكر واللوز ثم تقلى على شكل مثلثات . وفي إسبانيا حتى هذه اللحظة مازالت السمبوسة موجودة كإرث حضاري، وتعرف بسم إنبنادياس .
وتحضر السمبوسة كذلك في الموروث الثقافي العربي، بالمغرب مثلا تسمى بيريوات وهي واحدة من الأكلات الأكثر شيوعًا هناك، محشية باللوز والمكسرات ومقلية بالزيت، وفي الجزائر العريق تعرف باسم البورك، ويقال أن الدولة العثمانية إستجلبت هذا الطبق معها إلى شمال إفريقيا أبان عدة فترات تاريخية، أما في تونس فيسمى بالبريك دنوني.
ومما يشاع إلى أن أصل هذه السمبوسة التونسية يعود لعائلة أندلسية إستقرت في تونس بعد سقوط بلادهم، لكن يرجح آخرون إلى أن جذرها يعود للتركة العثمانية، في حين يعتقد سواهم نظرًا لبعض الدلائل أنها من أصل يعود ليهود المنطقة، الشيء الوحيد الذي لن نختلف عليه أن هذا السمبوسك التي نذوب في غرامها عند كل رمضان فرضت حضورها التام في اللحظة والآن حتى أنستنا الماضي والتاريخ .
تعليق واحد على “السمبوسك، من الهند إلى الأندلس”