الزلابية، حلوى مشرقية أندلسيّة َ
الطعام ليس أقصر الطرق نحو قلب الرجل فقط، بل إن الطعام إذ تتبعناه، لوجدناه أيضاً حافظاً للذاكرة دالاً على التاريخ !
الزلابيا مثلاً تحمل قصة طويلة،فهي واحدة من أشهر أنواع الحلويات الشعبية التي تغزو جميع الدول العربية بقطرِها الشهيّ، ويكثر الإقبال عليها في شهر رمضان، فهي حلوى للغني وللفقير لبساطة تكوينها ، يُكرم بها الضيف وتوزع كالصدقات أحياناً، إذ أننا كثيرًا ما نشاهد ف صواني الزلابيا في الجوامع والمساجد تحمل على الأكتاف بعد الإفطار في البلاد العربية من دمشق حتى المغرب.
يقال أن الموطن الأصلي للزلابية هو المغرب العربي وتحديدًا في الجزائر وتونس أما في الشام فتسمى الزلابية بأكثر من إسم كالـ مشبك على سبيل المثال.
هذا في الدول العربية، لكن ثقّ تماماً أن هناك في أوربا من هو مولوع أيضاً بهذه الحلوى الشهيّة، الأندلس حيث أسبانيا والبرتغال اليوم وخاصة في جنوب تلك البلاد التي مازالت تحتفظ بموروثها الثقافيّ العربي.
حتى اليوم في إفطارهم كل صباح، هناك كأس من الشاي وقطعة من الزلابية، يتذوقونها بلذة بالغة، تكون حلوى الزلاببية مفرودة على الأطباق كقُرصِ شمسِ كبيرة ذهبية، زلابية مالحة وأخرى سُكريّة ! بل وينثرون عليها السِمّاقُ الشهيّ.
جَمِيعَهُم هناك يأكُلُونها في صباحاتهم، وكأنَهُم في بيوتٍ شرقيّةٍ عربيةٍ تطُبخُ لهُم فيها امرأةُ عربيةٌ سمينة!
فأقراصُ الزلابية، وهي حلوى أندلسيّة، انتقلت باسمها العربي “القرص” لقاموس المطبخ (الاسبانيّ) و (البرتغاليّ)اليوم، وفي الحقيقة تختلفُ الرواياتُ حول أصلِ تسميةِ الزلابية بهذا الاسم، فمنهم من يقول أنها من تسميةِ زرياب الأندلسيّ الذي إبتكرهَا عندما سافرَ إلى الأندلس حيث حُرف اسمه من زرياب إلى زلياب، ومنهم من يقولُ أن أحدَ التُجّارِ أمرَ طبّاخَهُ بطهِي الحَلوى فلم يكن في المطبخِ إلا الزيت والسكر والدقيق، فعجنها ووضعها في المقلاة، وعندما رأى الزلابية غريبةَ الشكلِ قال باستهجان : إنها زلَةٌ بيَ! أي أني أخطأت في إعدادِها طالباً بذلك عفو سيده ، فاصحبت من هنا زلةُ بي.. أي زلابية ..! و تبقى هذه الرواياتُ الأكثرُ شيوعاً.
بالمناسبة الزلابية تنشر أيضًا بشكل كبير في المطابخ الهندية، نجدها في البنجاب وباكستان وبنغلادش، وهناك إعتقاد أيضًا إلى أن أصل هذا الطبق البسيط الشهيّ يعود إلى منطقة شمال الهند، وأن إسم زلابية هو تحريف لإسم فارسي بالأصل، وبالنهاية تتعدد الروايات ويبقى مزيج العجين المقليّ الغارق في القطر الحلو كافيًا لصنع عوالم من اللذّة في داخلنا.