حساب المثلثات
في حساب المثلثات، كانت الخطوات الأولى في هذا المجال في الشرق، حيث تم توسيع وتحسين الجداول الهندية للجيوب وجيوب التمام، وإدخال توابع جديدة: الظل وظل التمام والقاطع وقاطع التمام.
وضعت بعدها بقليل العلاقات الأساسية بين هذه التوابع الست، كانت أشهرها “نظرية الإعفاء” (أو نظرية الجيوب) التي استخدمت بالأخص في حساب عناصر من المثلث الكروي، والتي سمحت على وجه الخصوص بالاستغناء عن مبرهنة مينيلوس (القرن الأول الميلادي)، التي كانت تعد أداة أقل كفاءة عند المشتغلين بالحسابات.
أدّت أهمية هذه الأدوات الجديدة بالفلكيين إلى تكريس فصول مستقلة لها. وهذا ما قام به ابو نصر بن عراق (ت. 1030) في آسيا الوسطى وأبو الوفاء (ت. 998) في بغداد. حيث أمكن لهذه الإسهامات الرياضية البحتة تعزيز استقلالية حساب المثلثات عن المسائل الفلكية التي أدت إلى تطويره. هذه الاستقلالية بدأت من خلال كتاب البيروني (ت 1048) مفتاح علم الفلك. وتم اكتمالها من خلال رسالة نصير الطوسي (ت. 1274) كتاب الشكل المستعرض.
لا توجد أي أدلة قاطعة على أن هذين الكتابين كانا معروفين في إسبانيا. لكن هذا لا يعني أن الطرق والنتائج المحتواة ضمنهما لم تنتشر من خلال أعمال أقل أهمية وتخصصاً.
في الواقع، وبحسب الرياضيي المغربي بن هيدور من القرن الرابع عشر، كانت نظرية الجيوب متاحة للمستخدمين في زمانه (وبالتالي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر) سواء من خلال أعمال ابن معاذ الجياني (ت. بعد 1050) رياضي من خاين، أو من خلال أن من خلال أعمال خبير آخر من إسبانيا، جابر بن أفلح، أو أخيراً من خلال التذييل المضاف من قبل الفيلسوف ابن سينا (ت. 1037) إلى تلخيصه لمجسطي لبطليموس (حوالي 140).
بحسب بن هيدور فإنه لم تصل إلى الغرب المسلم أي من كتابات حساب المثلثات الشرقية باستثناء كتابات بن سينا. إذا كان هذا صحيحاً، فإنه سيكون مثالاً آخر على الانقطاع غير المبرر بعد، في انتقال نتائج علمية هامة.