سميرة فخرالدين

لم تكن ليونور مجرد عشيقة وإنما كانت مستشارة الملك الرئيسية. و اعتُبرت واحدة من النساء الأكثر تأثيرا في أوروبا في تلك الفترة الزمنية. احتكت بالوسط السياسي وأبدَت مهارة في التسيير. رافقت الملك في معظم تنقلاته حتى خلال تحركاته الرسمية وتوسعاته وغزواته العسكرية. ذاع صيت مكانتها داخل المملكة وخارجها. ومن ذلك أن لجأ لها ملك انجلترا إدوارد الثالث لتتوسط في مسألة زواج Pedro ابن الملك من Maria de Portugal ووريث العرش الشرعي بأميرة انجليزية. واستطاعت ليونور أن تُزوج ابنها، من سيصبح Enrique هنري الثانيII، لJuana Manuel de Villena وريثة senorio de Vizcaya 1350) وابنة العدو خوان مانويل Juan Manuel المتوفي قبليا بسنتين.
اهتم الملك باستشارتها والإصغاء لرأيها في المسائل المتعلقة بأمور المملكة على المستوى الداخلي والخارجي. تمتع أبناؤها منذ نشأتهم بمكانة اجتماعية هامة وعوملوا ،وإن كانوا غير شرعيين، كأصحاب سلطة وذلك بسبب حماية الوالد الملك لهم ولاهتمام الأم بأن يُعامل أبناؤها كما لو كانوا أبناءا شرعيين للملك. ولتعزيز مكانتهم على المستوى السياسي، الإقتصادي والإجتماعي قامت باستغلال مكانتها وعشق الملك لها بحيازة ثروات و أملاك هامة. تحكمت في إيرادات ومكاسب الجيش. أقنعت الملك بتعيين أخيها كمسؤول في إحدى الوحدات العسكرية. تعمدت إقصاء الطبقة النبيلة والعمل على تعويضها بطبقة أخرى أكثر إخلاصا ألا وهي عائلتها و أبنائها!
لم ترفض العشيقة ليونور يوما عطايا الملك السخية والمبالغ فيها . لم تجد يوما حرجا في ذلك. لم تجد يوما حرجا في لعب دور سيدة المملكة بينما تقبع الزوجة الرسمية في دور المرأة المُتخلَّى عنها والمُهانة! اعتاد الملك مكافأة عشيقته ليونور بعطايا مهمة مع ولادة كل واحد من أبنائها. لتتحول بذلك إلى سيدة أملاك إقطاعية. كما منحها عددا كبيرا من الألقاب والامتيازات لها ولأبنائها . مما ساهم في لعب أبنائها لدور حاسم و مهم في الصراعات التي ستعرفها المملكة بعد ذلك. تحكمت في عدة أقاليم وسيَّرتها بشكل مباشر واستطاعت بذكائها النهوض بها لتصبح مناطق غنية دونا عن غيرها.
أُطلِقَ على ليونور لقب “المُفضلة” أي المرأة المفضلة لدى الملك. ولكن لُقبت أيضا من طرف البعض ب “المرأة الشريرة”. حيث أثارت سلطوية ليونور غيظ النبلاء مما دفعهم لكرهها ولحياكة ثورات داخلية بتأييد من ملك البرتغال ( والد الزوجة الشرعية Maria De Portugal) التي ضاقت ذرعا من إهمال زوجها الملك لها و من لعب دور المرأة الُمهانة في رحاب المجتمع القشتالي. لم يعمل الملك ألفونسو على البحث عن حيلة تُمَكنه من التخلي عن الزوجة الشرعية ليرتبط بعشيقته ليونور بصفة رسمية. وذلك لعِلمه بأن اتخاد أي قرار يضر زوجته الشرعية سيقحمه في صراعات طويلة مع البرتغل ومع طبقة النبلاء.
توفي الملك ألفونسو الحادي عشر في حصار جبل طارق بسبب الطاعون الأسود (أو الموت العظيم أو الموت الأسود)، ذلك الوباء الذي اجتاح أنحاء أوروبا بين عامي 1347 و1352 وتسبب في موت ما لا يقل عن ثلث سكان القارة. بعد وفاته تسلم بيدرو الأول الحكم. ابن الملك الشرعي من زوجته Maria de Portugal . حاولت ليونور الحفاظ على مكانتها داخل المجتمع القشتالي رغم وفاة عشيقها الملك إلا أن الزوجة الشرعية تعمدت إقصائها. سجنتها بقَرْمُونَة (بالإسبانية: Carmona) مدينة بمقاطعة إشبيلية من منطقة الأندلس. ثم بطَلَبَيْرَة وهي مدينة إسبانية تقع في مقاطعة طليطلة من منطقة كاستيا لا منتشا على ضفة نهر تاجة وبالضبط في حصن عبد الرحمن الثالث . تم أمرَت بتصفيتها سنة 1351. كل ذلك لم يُمكن من إخماد سلطوية أبناء ليونور في المجتمع القشتالي حيث استطاع ابن العشيقة القتيلة ليونور القضاء على حكم بيدرو الوريث الشرعي لينفرد بالحكم لنفسه.
وهكذا شيد ابن ليونور هنري الثاني بيت تراستامارا (Trastamara) وهي سلالة حكمت بشبه الجزيرة الأيبيرية في قشتالة في الفترة من 1369 إلى 1516، وأراغون وصقلية وسردينيا من 1412 إلى 1516، في نافارا من 1425 إلى 1479، ومملكة نابولي من 1442 إلى 1516. وهي نفس العائلة التي أنهت الوجود الإسلامي بالأندلس سنة 1492.أخذت السلالة اسمها من كونت (أو دوق) تراستامارا، اللقب الذي استخدمه هنري الثاني قبل أن يصبح ملكا لقشتالة سنة 1369 خلال الحرب الأهلية التي سمحت له إزاحة أخيه بيدرو.وبذلك أصبح هنري الثاني أو هنري تراستمارا (13 يناير 1334 – 29 مايو 1379) ابن ليونور عشيقة الملك ألفونسو الحادي عشر، حاكما على قشتالة وليون بين عامي (1367-1366) و(1379-1369) .