الألعاب الموريسكية

الألعاب الموريسكية

ابن أمية و الألعاب الموريسكية

بعد ثورة الموريسكيين ضدّ السّلطة الجديدة في غرناطة في منتصف القرن السادس عشر للميلاد قرّر “ابن أميّة” زعيم الثّوار والذي لُقّب ملكاً على الموريسكيين أن يقيم عاصمة لإدارة ثورته ولتسيير شؤون قومه في قرية برشانة الواقعة على مرتفعات جبال البشرات من جهة المرية. وقد شهدت تلك المدينة سنة 1569 للميلاد بداية أوّل ألعاب موريسكية بمشاركة شباب المنطقة القادمين من شتّى القرى في جبال البشرات ومن غرناطة ومن وادي آش كما شارك فيها المجاهدون القادمون من فاس والجند الأتراك القادمون من الجزائر وتونس. وقد كان الهدف من إقامة الألعاب المحافظة على لياقة الجنود وتعويدهم على حسن الأداء وكذلك الرّفع من معنويات الجنود والسّكان المحاصرين في جبال البشرات، كما أراد إعادة ربط الموريسكيين مع تقاليدهم الأندلسية من خلال لبس الألبسة الأندلسية الأصيلة وتحضير الأطعمة الأندلسية وإقامة حلقات القرآن والذكر، و أخيراً تحفيز المشاركين بجوائز قيّمة كانت تُمنح على هذا النّحو:

  • 100 قطعة اسكودو (1) ذهبية لأحسن مصارع الذي يكافئ بتاج من أوراق الرّند.
  • 100 قطعة اسكودو ذهبية لأسرع متسابق.
  • 100قطعة اسكودو ذهبية لمن يبلغ أقصى مسافة بثلاثة قفزات.
  • من يحمل لأطول مدّة على كتفيه جرّةً تزن ستة “ربعي” (2) ينال 100 قطعة اسكودو ذهبية وسيفاً فاخراً.
  • من يرقص بطريقة متقنة رقصة “الزامبرا” (3) مع امرأة موريسكية يحصل على لباس من حرير مصنوع في الجزائر.
  • أفضل راقصة موريسكية تنال ملوطة (4) فاخرة وأربعة مآزر رقيقة.
  • أفضل من غنّى وأشعر لموريسكية يفوز بجواد جميل محلّى بالزينة ومظفور الذوائب.
  • أفضل موريسكية غنّت بالعربية نصيبها ملوطة جذّابة مطرّزة بالذّهب.
  • أمهر رامٍ بالحجر يفوز بسيف و 30 قطعة اسكودو ذهبية.
  • أتقن رامٍ بالبندقية و بالسّهم يُمنح 10 دوقات ذهبية(5).
  • أحسن من يرمي بالمعلاق (6) يناله 10 دوقات ذهبية.

كانت تقام هذه الألعاب في شهر سبتمبر وسط ساحة قرية برشانة التي كانت تزيّن بستائر الحرير وبأقمشة ملوّنة، كان ابن أمية يتوسط الساحة في جمع من كبار القادة وكانت الساحة تغص بالوافدين من شتى أرجاء مملكة غرناطة بينما كانت النساء تراقبن مظاهر الاحتفال من نوافذ المنازل ومن الأبواب. وصف أحد المعاصرين الألعاب فشبّهها بتظاهرة عسكرية وبمهرجان شعبي بهيج كان ينسي الموريسكيين العذاب اليومي الذي كانوا يعيشونه.

الألعاب الحديثة

عادت مدينة برشانة لتعيش أجواء الألعاب الموريسكية بعد أربعة قرون من ألعاب ابن أمية، حيث نظمت بلدية برشانة أوّل ألعاب موريسكية حديثة سنة 1993 وقد أقيمت منذ ذلك الحين 18 نسخة من الألعاب، شارك فيها الآلاف من أبناء مدينة برشانة ومن الزوّار والسيّاح من مختلف أنحاء العالم. لا زالت الألعاب تحافظ على شكلها القديم بإحياء المنافسات الإثنتي عشر باستعمال الوسائل القديمة من رمي للحجر ورفع للجرة وقفز في الرّمل، وقد أصبحت مهرجاناً سياحياً ممتازاً يقام سنوياً في شهر تموز/ يوليو تستفيد منه بلدية برشانة وسكّانها. و قد باركت اللجنة الأولمبية الدولية على لسان رئيسها السابق خوان أنطونيو سامارنش هذه الألعاب قائلاً:

إنّ الألعاب الموريسكية هي حلقة الوصل المفقودة بين الألعاب الأولمبية الغابرة والألعاب الحديثة.

 


– المصدر : 1- بيريث دي هيتا، الحروب الأهلية في غرناطة، قونقة 1619. 2- بلدية برشانة.

(1) الاسكودو الذهبي عملة الملوك الصليبين صكّت سنة 1538 و توقف العمل بها سنة 1833 وزنها 3.38 غ و تعادل 350 مرابطي.

(2)ربعي arroba وحدة وزن أندلسية مقدارها 11.502 كغ و الكلمة هي أصل رمز @ المستعمل حاليا في نظام البريد الالكتروني.

(3)الزامبرا: رقصة أندلسية لا زالت تؤدى في مقاطعة الأندلس.

(4) الملوطة: هي جبّة أندلسية كانت من بين أجزاء اللباس الأندلسي المعتاد.

(5) الدوق الذهبي: عملة قشتالية قديمة و مقداره 375 مرابطي و وزنه 3.6 غ.

(6)المعلاق: هو شريط جلدي أو من قماش يستعمل لرمي الحجارة.

 

 

المواضيع ذات الصلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *